هل تحتاج مساعدة ؟ اتصل على: 448 539 45 971+
قانون الأحوال الشخصية الإماراتي: نقلة نوعية في تنظيم العلاقات الأسرية
قانون الأحوال الشخصية الإماراتي: نقلة نوعية في تنظيم العلاقات الأسرية
تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة باستمرار إلى تحديث منظومتها التشريعية بما يعكس ديناميكية المجتمع وتنوعه الثقافي والاجتماعي، مع المحافظة على المبادئ القانونية التي تكفل العدالة وتضمن الاستقرار. وفي هذا السياق، جاء قانون الأحوال الشخصية الجديدالصادر بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم (41) لسنة 2024،كإطار حديث لتنظيم المسائل المتعلقة بالأسرة، في ضوء المعايير الوطنية والدولية ذات الصلة.
دخل هذا القانون حيز التنفيذ في 15 أبريل 2025، متضمنًا جملة من الأحكام والتعديلات التي تمثل تطويرًا جوهريًا لما سبقه، ويهدف إلى تحقيق التوازن بين حماية الحقوق الفردية، وترسيخ مبادئ العدل والإنصاف داخل الأسرة.

أولًا: نطاق تطبيق القانون ومرونته
يتسم قانون الأحوال الشخصية الإماراتي الجديد بالشمول والوضوح، حيث ينظم جميع المسائل المرتبطة بالحالة الشخصية، من زواج وطلاق، ونفقة، وحضانة، ووصية، وإرث، وولاية. كما يتميز بإعطائه صلاحيات تقديرية موسعة للقضاء، تسمح بالتعامل مع الوقائع الأسرية المتنوعة وفق متطلبات العدالة، مع الحفاظ على خصوصية الأطراف.
وقد حرص المشرّع على أن يكون القانون قابلًا للتطبيق على المواطنين والمقيمين، مع احترام الخصوصية الدينية والثقافية، وذلك ضمن إطار قانوني موحّد ومتكامل.
ثانيًا: الزواج – تنظيم أكثر مرونة وضمانًا للحقوق
نظّم القانون شروط وإجراءات الزواج بشكل يراعي الجوانب القانونية والواقعية، ومن أبرز ما جاء فيه:
- التأكيد على أن للزوجين ذمة مالية مستقلة،، ولكل منهما حق إدارة أمواله والتصرف فيها دون تدخل من الطرف الآخر.
- إمكانية تضمين عقد الزواج شروطًا خاصة مشروعة،مثل شرط السكن المستقل أو العمل أو الدراسة، وهو ما يعزز الشفافية ويمنح الطرفين حرية أكبر في تنظيم العلاقة الزوجية.
وقد حافظ القانون على صياغة متوازنة تضمن حقوق الطرفين دون إخلال بالواجبات المتبادلة، مع التأكيد على أهمية المساواة والاحترام المتبادل.
ثالثًا: الطلاق – حماية للحقوق وتقنين للإجراءات
تناول القانون أحكام الطلاق بمزيد من التنظيم والدقة، بما يضمن وضوح الحقوق والواجبات بعد انحلال الرابطة الزوجية. ومن أبرز ما ورد:
- توثيق الطلاق أمام المحكمة خلال 15 يومًا من وقوعه، وإلا يترتب على الطرف الممتنع تعويض للطرف الآخر، ما يعزز المسؤولية القانونية ويمنع التلاعب.
- إدراج أسباب موضوعية لطلب الطلاق للضرر، مثل الإهمال، العنف الأسري، أو تعاطي المخدرات، مما يوسع من نطاق الحماية القانونية للطرف المتضرر.
- النص على استمرار النفقة والسكن للمحضون بعد الطلاق ، وتقديرها وفق حاجةحاجة الطفل ووضع الأب المالي، بعيدًا عن المعايير التقليدية الجامدة.
وتؤكد هذه الأحكام على المساءلة وتهدف إلى الحد من النزاعات من خلال توضيح حقوق والتزامات كل طرف.
رابعًا: الحضانة – أولوية لمصلحة المحضون
أحدث القانون تحولًا كبيرًا في تنظيم الحضانة، إذ أصبح المعيار الأساسي فيها هو مصلحة المحضون، لا مجرد تطبيق قواعد عمرية أو نمطية. ومن التعديلات الجوهرية:
- رفع سن الحضانة إلى 18 عامًا لكلا الجنسين.
- منح الطفل المحضون حرية اختيار الإقامة مع أحد الوالدين عند بلوغه سن 15 سنة.
- تأكيد حق الطرف الآخر في الرؤية والنفقة والتواصل، مع إمكانية تنظيم ذلك إلكترونيًا أو حضوريًا، وبما لا يتعارض مع مصلحة الطفل.
كما راعى القانون أوضاع الحاضن من مختلف الجنسيات، مؤكدًا أن الأصل في الحضانة هو حفظ مصلحة الطفل النفسية والتعليمية والصحية.
خامسًا: النفقة – تقدير عادل واستناد إلى الواقع المعيشي
أكد القانون على وجوب النفقة للزوجة، والأبناء، والوالدين في حالات محددة، مع تحديدها استنادًا إلى:
- دخل الملزم بالنفقة.
- عدد أفراد الأسرة.
- كلفة المعيشة في المنطقة محل السكن.
- الحالة الصحية أو التعليمية للمستفيد من النفقة.
ويُعطي القانون المحكمة صلاحية تقدير النفقة مؤقتًاأو دائمًا، وضمان تنفيذها عبر إجراءات تحفظ كرامة الأطراف وتسهل تحصيل المستحقات.
سادسًا: الإرث والوصية – توسيع دائرة الحقوق المالية
توسّع القانون الجديد في نطاق الوصية، وسمح بتنظيم التركة بشكل أكثر حرية، ومن أبرز أحكامه:
- جواز الوصية للأقارب وغير الأقارب، بغض النظر عن الديانة،ما يعكس حرص المشرّع على احترام العلاقات الأسرية والإنسانية المختلفة في المجتمع الإماراتي.
- النص على أنه إذا لم يكن للمتوفى ورثة فإن تركته تُعامل باعتبارها وقفًا خيريًا، تحت إشراف القضاء، بما يضمن عدم ضياع المال العام.
كما حدد القانون أصول تعيين الولي والوصي على القاصر، وإدارة أموالهم بما يحمي مصالحهم وينظم العلاقة بين الوصي والقضاء.
سابعًا: الحماية القانونية للأسرة
كرّس القانون حماية خاصة للوالدين والمسنين، وفرض عقوبات على:
- الإساءة أو الإهمال أو الامتناع عن النفقة تجاه الوالدين..
- التصرف في أموال القُصّر بدون إذن قضائي..
- الامتناع عن تنفيذ أحكام الحضانة أو النفقة..
كما نص على سرعة البت في القضايا الأسرية، وحدد مدة الطعن بالأحكام بـ 30 يومًا فقط، وهو ما يُسهم في تقليص زمن التقاضي ويمنح الأسر قرارات سريعة وفعالة.
إل قانون الأحوال الشخصية الإماراتي لسنة 2025 يمثل نقلة نوعية في التشريع الأسري، ويعكس رؤية متقدمة تؤمن بأن استقرار المجتمع يبدأ من استقرار الأسرة.. ويتميز القانون بالمرونة، والعدالة، واحترام الخصوصية، إلى جانب توفير آليات فعالة لحل النزاعات الأسرية دون تعقيد.
وفي مكتب محمد السعدي محامون ومستشارون قانونيوننضع خبراتنا القانونية في خدمة كل من يواجه قضية أسرية أو يسعى لفهم حقوقه وواجباته بموجب هذا القانون. نحن نؤمن أن الاستشارة القانونية المبكرة تقي من النزاع وتضمن الحقوق، وندعو جميع المهتمين إلى التواصل معنا للحصول على دعم قانوني متكامل ومهني.
نحن نعتقد ذلك إن الاستشارة القانونية المبكرة هي المفتاح لحماية الحقوق ومنع النزاعاتإن الحقوق ليست مرجعا إلا هي الأساسية للتحكم فيها.